(الشعر الشعبي بين الشهادة والتظليل )
يعد الابداع المتجسد في الادب والشعر هو الاساس الذي تقوم عليه الدراسات ومن ضمنها الشعر الشعبي
وهذه الدراسات الادبية والنقدية في مجال تخصصها لان محوره الاساس تبني عليه ابحاث علم الجمال والتذوق
للشعر وصوره ومكنوناته اللذان يستندان الى ناتجي العملية الابداعية وهما مشكلة التذوق والنقد والحكم
لايقوم الفعل الابداعي الا نتيجة الاليات وعوامل عدة منها نفسية وبايلوجية تحدث داخل الشاعر الذي ينبغي عليه
الالتزام بها اذ يبدو ثمة دافع خلاق لينفرد العمل او الفكرة المحاطة بسحرية مطلقة لكن ما ان يتجاسر هذا الدافع للظهور بعد ان يمتلك الجراة حتى يجد نفسه واقعا في شبكة منسوجة من الضرورات الشكلية يناظر النشاط والنتاج الابداعي المتحقق في الخارج من الجهد والعملية التي تحدث داخل المبدع بوصفها نشاطا نفسيا خلاقا يعد معادلا للجهد ابتداء من وضع المشكلة والفروض حتى انبثاق الحل الابداعي ذكر الباحث عبد الامير الحبيب في جريدة الراصد البغدادية في 25/2/1973 ( لقد تحسس الشاعر الشعبي باصابع مرهفة كل خشونات خارجة فكتب القصيدة الثورية مشحونة بعاطفة وانفاس عاشقة اذ كان يجمع بين الحب نحو الفرد الى الحب نحو الجميع ومن هذا التجاوز تكونت في القصيدة الشعبية عناصر قابلة للنمو بسبب ان الفرد والجميع وعوامل جمعها هي الاخرى قابلة للنمو وفي تطور مستمر ومنذ ثوريات السيد عذافة وغزل حاج زاير وتبعتها قصائد زاهد محمد في الاربعينات اتجه موضوع القصيدة الى داخل الكائن بمعنى صارت ليست فعلا خارجا ينتهي وانما صيرورة مستمرة داخل وعي الشاعر والمتلقي )او نقرا ماقاله علي الشيباني في جريدة الر اصد في 14/11/1971 ( لو تقصينا الجذور لوجدنا ان الشعر الشعبي ظاهرة تمتد الى عصور قديمة اذ اكد بعض المؤرخين ودارسي اللغة العربية وتاريخها ( كصفي الدين الحلي ) ( ومصطفى جواد )
(وفؤاد جميل ) ان بدابات عباسية واندلسية وغيرها وردت للشعر الشعبي او ذلك اللون من الكتابة الذي لم يخضع لقوانين اللغة الرسميةان ذلك كما يتضح قد رافق بدايات السقوط الحضاري وميل اللغة انذاك لتكون ظاهرة طبيعية اجتماعية وعزوفها عن الانسان بروح ارستقراطية محضة ليظل ادبها وشعرها اسير للبلاطات وطرب الملوك يستثني من ذلك القليل من الشعراء والمتصوفة اما الرجال الجائعون والعبيد الذين اكل قلوبهم الملح والاف الامصار والقرى المضطهدة في ظل الاقطاعيات الجائرة فان لهؤلاء الناس شعرهم كذلك ) - لم تكن حركة التجديد في القصيدة الشعبية ظاهرة مجردة ومنعزلة عن حركات التجديد في مجالات الادب والفنون والتي شهدها مجتمعنا العراقي بشكل خاص فهي ذات روابط متينة متعددة مع كل التضادات والتجاوزات المبدعة في فنون الادب الاخرى - والقصيدة الشعبية كانت تعاني وبشكل خانق من مرض الشيخوخة والركود الذي جعلها تراوح وتستهلك كل مضامينها واشكالها التقليدية وكنتيجة حتمية متمشية مع متطلبات المرحلة -
من هنا نقتطف زهرة من احاسيس الشاعر الشفاف الكبير نزار القباني وهي تبث عطرها الينا عندما ثبت شهادته للشعر الشغبي العراقي وخاصة الدارمي يقول ( انا وشعري وادبي اقف كاتمثال لبيت دارمي قالته امراة من جنوب العراق ) وهذه الشهادة تؤكد لنا ما تاثر والتصاق القباني بالشعر الشعبي العراقي والدارمي (غزل البنات ) ولو تتصفح شعر شعره بتمعن ستجد الكثير من التاثر بهذا اللون الذي ابدع فيه الشاعرات اكثر من الشعراء وبالاحرى النساء اكثر من الرجال لانهم كانوا يرتجلون الدارمي في كل مناسبة لقاء او مناسبة فرح او حزن فكان القباني ذكيا بكتاباته القصيرة التي تعطي المتلقي الفكرة بدون ملل وما اكثر التشابه في الافكار عندما تقرا القباني بشعر الدارمي القديم الشفاف الذي كان يقال في الغزل والمحبة والتراضي بدون خدش للمفردة التي تؤثر على المتلقي والذي جاء من الفطرة المبدعة استحق ان اقولها وهذا الشاعر المرحوم (حجي مطرب السعيدي ) يقول -
( من تمشي جنهه اثنين جاسمهه الحزام ومثل اليعد ليرات نكلات الاجدام )
طرح هذا الدارمي من قبل شاعرنا الغنائي المبدع كريم العراقي في احد اغانيه كانه له ولن يذكر اسم الشاعر الاصلي مطرب السعيدي من سوق الشيوخ وهو والد الشاعر مشير السعيدي الذي الان في المهجر نريد ان نؤسس لشعر نقي وافكارا وفية نرفع فيها الشعر الشعبي لاستحقاقه هذا وويلا للحاسدين -
شكرا لتصفحك