في هذا العيد قمت بزيارة الايتام الصغار وحمدت الله على النعمة التي عاشوها بين اهليهم واصدقائهم وانا اتكلم معهم وامازحهم غلبتني الدمعة لتسقط بيننا بسبب الوضع والظرف الراهن اولا وثانيا باني فقدت والدي وانا متزوجا واثر كثيرا على مسيرة حياتي المعنوية فقط اتذكر كان والدي سنة 1971 يعمل حلاقا في مدينتي سوق الشيوخ وقبلها كان متطوعا في الجيش العراقي وكان اختصاصه الصباغة والحلاقة وعند اكماله الخدمة واحيل الى التقاعد لن يستريح لاننا جميعا ثمانية اولاد واخت واحدة في مختلف مراحل الدراسة حتى اوصلنا وتخرجنا وتزوجنا فرح كثيرا لاكمال رسالته السماوية كنت صغيرا في الصف السادس الابتدائي سنة 1971 كنت اذهب معه الى محل الحلاقة في العطلة الصيفية لاساعده واقبض البخشيش انذاك كان محل والدي الواجهة من الخشب والجام وكانت قطعة ورقية ملصوقة على الواجهة مكتوب عليها - حلاقة الكبير 40 فلسا - وحلاقة الصغير 25 فلسا - وحلاقة الذقن 20 فلسا - الاثنين عطلتنا - وفي ذلك الصباح وبعد تنظيف المحل من قبلي ومسح الادوات والاثاث وتحضير المحل جاء زبون يختلف عن الاخرين في المظهر يلبس البشت الخليجي بعد نزع العباءة وتعليقها مع غطاء الراس تبين انه من العراقيين الساكنين والمتوطنين في الكويت حلق والدي له ذقنه حسب طلبه ورشه بالقلونيا الفاخرة انذاك وضرب على ظهره ليقدم له كلمة نعيما سارعت لاقول له انا ايضا نعيما طمعا بالبخشيش مد يده الى جيبه واعطى لوالدي 50 فلسا اي درهما واعطاني انا ايضا درهما قلبت الدرهب ليتبين لي درهم ابو النخل كما يسموه اهلنا سابقا ومكتوب تاريخه 1971 ذهب الرجل الى ما يريد وقال لي ابي انه رزقك هذا لك فرحت كثيرا وذهبت الى رجل الذي يبيع شربت زبيب خالص هو ابو عامر الله يرحمه توفى اشتريت منه قنينتين من الشربت الذي كان يضعة في قوطي الحليب النيدو القديم واشتريت كيك من المعمل المقابل كلف جميعه 25 فلسا وصلت لابي في المحل قال لماذا اشتريت هذا بعد قليل سيمر علينا عمك ابو اسماعيل جمعة وهذا توفي ايضا ليجلب لنا الكبة كان من المبدعين في عمل الكبة ولحد الان ولده اسماعيل يتقاطرون اهل سوق الشيوخ ليشترون منه الكبه لانها لذيذه جدا سالناه وقال هذا سر المهته جلسنا ووصل العم جمعه وقدره على راسه مع خاولي كبير معلق على صدره كان طيبا ودودا رائعا صاحب النكتة الفاخرة هذا ما اتذكره واهما كان اجتماعيا اهالي سوق الشيوخ جميعهم يعرفونه ويجلونه وضع الكبة في الصحون مع الخبر تريكنا انا ووالدي ومسحنا في الخاولي لحين غسل اليدين لانها الكبة تباع سفري رجعنا الى البيت منهمكين لكن الرزق الوفير اسعدنا كثيرا اضافة الى ذلك كانت حوالات العسكريين كانت تحول الى البريد على عنوان والدي من جانبه يخبر اهاليهم لياتوا في اليوم التالي ليستلموا الحوالة لكنهم يجلبوا معهم كل على حده هدية بسيطة من اللبن او الروبة الخالصة او الطيور من الهور او الزبد او التمر او تمن العنبر او السمك وهذه الهدايا تستمر على طول السنه لا فقط راس الشهر ننقل البضاعة بدورنا الى البيت لتقوم والدتي بتوزيع نصفها على الجيران والفقراء كانت ايام وسنوات لن انساها ابدا كانت محطات مضيثة في حياتي تعلمت من والدي الكرم والنخوة والعمل الصالح والطيبة وتعلمت من والدتي نكران الذات وتكريم الاخرين والعطف على الصغير واحترام الكبير والعمل من اجل اليتيم لحد الان اقص القصص على مسامعها وهي راقدة على فراش المرض لا تقدر على الحركة فتفرح كثيرا وقالت عليك في الايتام ياولدي ولو كلمة طيبة او مسحة حنان شكرا لكم جميعا لدعم الايتام والفقراء والنازحين الان في العراق